19 - 10 - 2024

وجهة نظري| قضاة مجلس الدولة يرفضون التعديلات

وجهة نظري| قضاة مجلس الدولة يرفضون التعديلات

بدت الجلسات التى عقدها مجلس النواب لمناقشة التعديلات الدستورية روتينية.. تعامل الكثيرون معها على أنها تحصيل حاصل ..أو هى أقرب لإبراء الذمة.. أو إستكمال شكلى لخطوات دستورية لابد منها.. لتظهر فى النهاية وكأنها ولدت ولادة شرعية لاغبار عليها ولاشبهة تشكك فى نسبها ..بالرغم من أن كثيرا من الوجوه التى دعيت للحوار معروف موقفها للقاصى والداني، ليس فقط المؤيد ولكن المروج لتلك التعديلات.. ولم يكن غريبا أن يزايد بعضهم، فيقترح مزيدا من التعديلات تفتح مدد الرئاسة لما شاء الله ولا تقتصر فقط على الرئيس الحالى وإنما كل رئيس قادم ..ويكون من حق أى رئيس أن يحكمنا لما شاء الله مادام قادرا على تحقيق التنيمة والأمن لبلده!! ليس هذا فقط بل يقترح آخر مد فترة الرئاسة حتى يكتمل مشروع الرئيس!! ولاعزاء هنا للحالمين بالديمقراطية وتبادل السلطة!

غابت أو كادت تغيب تلك الوجوه المعروفة برفضها للتعديلات الدستورية، فظهر الحوار المجتمعى الذى زعم مجلس النواب تبنيه، الحوار من طرف واحد. كان أقرب لكل جلساته التى ما إن يعلو فيها صوت رئيس البرلمان مطالبا الاعضاء بإبداء رايهم حول أمر ما، حتى يرفع الجميع ايديهم فيسرع كما إعتاد دائما معلنا "الموافقة".

اصوات معارضة فقط، رغم قلتها، نجحت إلى حد ما فى التعبير عن وجهة النظر الرافضة للتعديل فى جلسة رؤساء الأحزاب التى عقدت بمجلس النواب.. كان أكثرها قوة ما جاء على لسان مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبى عندما رفض المادة المتعلقة بتمديد الفترة الرئاسية مؤكدا أن الرئيس ليس مقاولا حتى نمدد له لحين إستكمال المشروع.

رفض بعض الأحزاب للتعديلات وإعتبارها تعديا على الدستور وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات ومبدا إستقال القضاء، كما جاء على لسان فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، هذا الرفض وإن عبر بقدر ما عن وجهة نظر المعارضين للتعديلات، إلا أنه لم يثلج صدورهم بالقدر الذى حققته المذكرة التى أرسلها نادى قضاة مجلس الدولة للبرلمان يعربون فيها عن موقفهم الرافض للتعديلات الدستورية وحيثيات داعمة لذلك الرفض لم تفت القضاة الأجلاء بحكم طبيعة مكانتهم ومهنتهم المهيبة التغاضى عنها أو المرور عليها مرور الكرام.

أكد قضاة نادى القضاة، الذى يرأسه المستشار سمير يوسف البهى، أن التعديلات تقضى على ماتبقى من إستقلال القضاة وتجعله فرعا تديره السلطة التنفيذية، وأن هذا الإستقلال حرصت كل المبادئ والقيم الدستورية على صونه وأنه ليس فقط أسبق من الأمن وإنما هو سببه وأساس وجوده ..وأن تعديل الدستور يجب أن ينطلق من ضرورة إجتماعية وسياسية وقانونية، ويتطلب مزيدا من الضمانات الأساسية للحريات، وكفالة أداء المؤسسات الدستورية لدورها وإلا بدا دون حكمة وبلا هدف مشروع.. تساءل القضاة مستنكرين: كيف يمكن لرئيس المحكمة الدستوية الذى إصطفاه الرئيس أن يفصل فى دستورية قانون أصدره الأخير!! وكيف يمكن قبول قيام الرئيس بإختيار من يحاكمونه إذا ما اقتضى الأمر؟! .

رفض نادى قضاة مجلس الدولة لم يكن معبرا فقط عن رأيهم وإنما جاء تعبيرا عن آراء كل معارض لتلك التعديلات، ليس فقط بسبب تلك المادة المتعلقة بمدة الرئاسة، وإنما وهذا هو الأخطر مايتعلق بالسلطة المطلقة التى أعطيت للرئيس، وسمحت للسلطة التنفيذية بالسيطرة على القضاء وحالت دون إستقلاله بعدما أصبح من صلاحيات الرئيس تعيين النائب العام ورئيس المحكمة الدستورية .فضلا عن إلغاء إختصاص مجلس الدولة بمراجعة العقود الإدارية وهو الإختصاص الاصيل الذى مارسه منذ إنشائه عام 1946 .

موقف قوي إنتظرناه طويلا، هو بداية الغيث لمواقف نأمل ألا تقل قوة، تعبر عن الاصوات الرافضة للتعديلات وإن كانت كل المؤشرات تدفعنا لليقين أن لاصوت يعلو فوق صوت الموافقة الاكثر صخبا وقدرة على إحداث الضجيج الزائف المفتعل.
-------------------
بقلم: هالة فؤاد

  

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | الاستغناء عن الحكومة